الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **
5204 - (ضاف ضيف رجلاً من بني إسرائيل وفي داره كلبة مجح) بضم الميم وجيم مكسورة وحاء مشددة بضبط المصنف أي حامل مقرب دنت ولادتها ذكره الزمخشري وما وقع في أمالي المصنف من أنه بخاء معجمة فجيم اعترضوه (فقالت الكلبة واللّه لا أنبح ضيف أهلي فعوى جراؤها) أي نبحوا وصاحوا (في بطنها قيل ما هذا فأوحى اللّه إلى رجل منهم هذا مثل أمة تكون من بعدهم يقهر سفهاؤها حلماءها) قال في الفردوس: يقرقر سفهاؤها أي يغلب بأصواتها العالية، والقرقرة رفع الصوت في الجدال. - (حم) وكذا البزار والطبراني والديلمي (عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي: وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. 5205 - (ضالة المسلم) أي ضائعته مما يحمي نفسه [ أي الحيوان القادر على حماية نفسه عندما يبتعد في طلب الرعي والماء. ] ويقدر على الإبعاد في طلب الرعي والماء كإبل وبقر لا غنم (حرق النار) بالتحريك وقد يسكن لهبها إذا أخذها إنسان ليتملكها أدته إلى إحراقه بالنار وقال القاضي: أراد أنها حرق النار لمن آواها ولم يعرفها أو قصد الخيانة فيها كمن بينه خبر مسلم من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرّفها وأصل الضالة الضائعة من كل ما يقتني ثم اتسع فيها فصارت من الصفات الغالبة تقع على الذكر والأنثى والجمع. - (حم ت ن حب) عن أبي المنذر أو أبي غياث قال الذهبي: وهو أصح (عن الجارود) واسمه بشر فلقب به لأنه أغار على بكر بن وائل وجرهم (بن المعلى) وقيل العلاء وقيل عمرو صحابي جليل شهير قال الهيثمي: رواه أحمد بأسانيد رجال بعضها رجال الصحيح (حم ه حب عن عبد اللّه بن الشخير طب عن عصمة بن مالك) قال الهيثمي: فيه أحمد بن راشد وهو ضعيف ورواه عنه أيضاً ابن ماجه في الأحكام والحرث والديلمي قال: قدمت على المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في رهط من بني عامر فقلنا: يا رسول اللّه إنا نجد ضوال من الإبل فذكره قال ابن حجر: وحديث النسائي إسناده الصحيح. 5206 - (ضالة المؤمن العلم كلما قيد حديثاً) بالكتابة (طلب إليه آخر) يقيده بجانبه وهكذا والأصل في الضلال الغيبة يقال ضل الشيء غاب وخفي موضعه وقال ابن الأعرابي: أضله كذا إذا عجز عنه ولم يقدر عليه وضل الناس غاب حفظه وفيه جواز كتابة العلم فهي مستحبة بل قيل واجبة وإلا لضاع. - (فر) من طريق عبد الوهاب عن مجاهد (عن علي) أمير المؤمنين وفيه الحسن بن سفيان قال الذهبي: قال البخاري: لم يصح حديثه وأخرجه أبو نعيم وابن لال أيضاً. [ص 253] 5207 - (ضحك ربنا) أي عجب ملائكته فنسب الضحك إليه [لعل في هذا الشرح بعض تكلف، حيث أن تتمة الحديث التي أور دها المناوي تثبت الضحك لله بعد سؤال الصحابي عنه. وعليه فسياق الحديث يدل أن الضحك هنا مثبت لله من باب الكناية: لا يقصد معنى الكلمة من انفراج شفة وخروج نفس، وإنما يقصد المعنى الملازم للكلمة من الرضا والقبول بما يتعجب منه عادة، وإن عدمت الشفة في حال جريح مثلا، أو في حال المنزه عن الجوارح سبحانه وتعالى. فكما قد يقول أحدهم "ضحكت لذلك الكلام"، وإن كان ذلك المتكلم جريحا لا شفة له، فكذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم أن ربنا ضحك من قنوط عباده، أي رضي وقبل بما يسبب عادة العجب. وفي هذا إثبات لنص الحديث ومعناه الظاهر من باب الكناية، من غير تشبيه ولا تأويل ولا تعطيل. ولأهمية هذا الموضوع، يذكر فيما يلي كلاما مهما وجامعا في الكناية. قال المحدث العالم الشيخ محمود الرنكوسي: إن الله تعالى وصف ذاته العلية بصفتين مشتقتين من الرحمة وهما "الرحمن" و "الرحيم". فالرحمة لغة: رقة في القلب تقتضي التفضل والإحسان، وإذا أضيفت إلى الله تعالى هذه الصفة وسائر مشتقاتها كان معناها ما يترتب على رقة القلب في الإنسان من التفضيل والإحسان القائمين على مزيد من اللطف بالخلق والعطف عليهم والإحسان إليهم، فأما رقة القلب نفسها فإنها أمر يستحيل على الباري - جل وعز - فالتعبير إذن تعبير كنائي يطلق اللفظ فيه ويراد لازم معناه دون حقيقة معناه، كما هو شأن الكناية دائما في لغة العرب... انتهى، من مقدمة "المعرفة الحقيقية لدار الحديث الأشرفية" للشيخ محمود الرنكوسي. وانظر كذلك شرح الحديث 5215. دار الحديث] لكونه الآمر[ والعرب تضيف الفعل إلى الآمر كما تضيفه إلى الفاعل وكذا تضيف الشيء الذي هو من حركات المخلوقين إلى الباري عز وجل ] والمريد (من قنوط عباده) أي من شدة يأسهم (وقرب غيره). ظاهر صنيع المصنف أن هذا هو تمام الحديث والأمر بخلافه، بل بقيته قال، أي أبو رزين: قلت يا رسول اللّه أويضحك الرب قال: نعم قلت: لن نعدم من رب يضحك خيراً اهـ بلفظه. تنبيه: قال العارف ابن عربي: بحر العماء يرزخ بين الحق والخلق في هذا البحر اتصف الممكن بعالم وقادر وجميع الأسماء الإلهية التي بأيدينا واتصف الحق بالضحك والتعجب والبشش والفرح والمعية وأكثر النعوت الكونية فردّ ماله وأخذ مالك فله النزول ولنا المعراج اهـ. - (حم ه عن أبي رزين) العقيلي ورواه عنه الطيالسي والديلمي. كما تضيف ذلك الشيء إليهم. 5208 - (ضحكت من ناس يأتونكم من قبل المشرق يساقون إلى الجنة وهم كارهون) الضحك خاص بالإنسان من بين الحيوان ومعناه استفادة سرور يلحق فتنشط له عروق قلبه فيجري الدم فيها فيفيض إلى سائر عروق بدنه فتثير فيه حرارة فينبسط لها وجهه وتملأ الحرارة فاه فيضيق عنها فتنفتح شفتاه وتبدو أسنانه فإن تزايد ذلك السرور ولم يمكن ضبط النفس استخفه الفرح فضحك حتى قهقه ولذلك كان ضحك النبي صلى اللّه عليه وسلم تبسماً لأنه كان يملك نفسه فلا يستخفه السرور فيغلبه فيقهقه، والباري منزه عن هذه الصفة فيأول ضحكه بما سبق. - (حم طب عن سهل بن سعد) قال: كنت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم بالخندق فحفر فصادف حجراً فضحك فقيل له: ما يضحكك قال: ضحكت إلخ. 5209 - (ضحكت من قوم يساقون إلى الجنة مقرنين في السلاسل) أراد الأسارى الذين يؤخذون عنوة في السلاسل فيدخلون في الإسلام فيصيرون من أهل الجنة كما سيأتي. - (حم عن أبي أمامة) بإسناد حسن. 5210 - (ضحوا بالجذع) بفتحتين أي بالشاب الفتي (من الضأن) وهو من الإبل ما دخل في الخامسة ومن البقر والمعز ما دخل في الثانية ومن الضأن ما تم له عام (فإنه جائز) أي مجزئ في الأضحية فإن أجذع أي أسقط سنه قبلها أجزأ عند الشافعية. - (حم طب عن أم بلال) بنت بلال الأسلمية عن أمها قال الهيثمي: رجاله ثقات اهـ. 5211 - (ضرب اللّه تعالى مثلاً صراطاً مستقيماً) قال الطيبي: بدل من مثلاً لا على إهدار المبدل كقوله زيد رأيت غلامه رجلاً صالحاً إذ لولا أسقط غلامه لم يتبين (وعلى جنبتي) بفتح النون والباء بضبط المصنف (الصراط) أي جانبيه وجنبة الوادي جانبه وناحيته وهي بفتح النون والجنبة بسكون النون الناحية ذكره ابن الأثير (سوران) تثنية سور قال الطيبي: [ص 254] سوران مبتدأ وعلى جنبتي خبره والجملة حال من صراطاً وقوله (فيهما أبواب) الجملة صفة لسوران (مفتحة وعلى الأبواب ستور) جمع ستر (مرخاة) أي مسبلة (وعلى باب الصراط داع يقول يا أيها الناس ادخلوا الصراط) وفي رواية استقيموا على الصراط (جميعاً ولا تعوجوا) أي لا تميلوا يقال عاج يعوج إذا مال عن الطريق (ودَاعٍ يدعو عن فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال ويحك) زجر له من تلك الهمة وهي كلمة ترحم وتوجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها (لا تفتحه فإنك إن فتحته تلجه) أي تدخل الباب وتقع في محارم اللّه، قال الطيبي: هذا يدل على أن قول أبواب مفتحة أنها مردودة غير مغلقة (فالصراط الإسلام والسوران حدود اللّه تعالى والأبواب المفتحة محارم اللّه وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب اللّه والداعي من فوق واعظ اللّه في قلب كل مسلم) قال تعالى - (حم ك) في الإيمان وكذا الطبراني (عن النواس) ابن سمعان قال الحاكم: على شرط مسلم ولا علة له وأقره الذهبي وقضية صنيع المصنف أن هذا لا يوجد مخرجاً لأحد من الستة والأمر بخلافه فقد عزاه في الفردوس للترمذي في الأمثال. 5212 - (ضرس الكافر) في جهنم (مثل أحد) أي مثل جبل أحد في المقدار (وغلظ جلده مسيرة ثلاث) أي ثلاث ليال وإنما جعل كذلك لأن عظم جسده تضاعف في إيلامه وذلك مقدور للّه يجب الإيمان به قال القرطبي: وهذا إنما يكون في حق البعض بدليل حديث إن المتكبرين يحشرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الرجال فيساقون إلى سجن في جهنم يقال له بولس قال: ولا شك أن الكفار متفاوتون في العقاب كما علم من الكتاب والسنة اهـ. ونازعه ابن حجر بأن ذلك في أول الأمر عند المحشر. - (م ت عن أبي هريرة). 5213 - (ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعضده مثل البيضاء) موضع في بلاد العرب يسمى البيضاء أو هو اسم جبل (ومقعده من النار مسيرة ثلاث مثل الربذة) قرية بقرب المدينة قال القاضي: يريد ما بين الربذة والمدينة والربذة [ص 255] على ثلاث مراحل منها بقرب ذات عرق. - (ت) في صفة جهنم (عن أبي هريرة) وقال: حسن غريب. 5214 - (ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعاً وعضده مثل البيضاء وفخذه مثل ورقان) كقطران جبل أسود على يمين المار من المدينة إلى مكة. قال القرطبي: روي عن أنس مرفوعاً لما تجلى ربنا للجبل صار بعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بمكة ثور وثبير وحراء وبالمدينة أحد وورقان ورضوى (ومقعده في النار ما بينه وبين الربذة) قد عرفت تقديره مما قبله. - (حم ك) في الأهوال (عن أبي هريرة) قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير ربعي بن إبراهيم وهو ثقة. 5215 - (ضرس الكافر مثل أحد وغلظ جلده سبعون ذراعاً بذراع الجبار) أراد به هنا مزيد الطول أو أن الجبار اسم ملك من اليمن أو العجم كان طويل الذراع [قوله "أو أن الجبار اسم ملك من اليمن أو العجم": لا يخفى ما في هذا المعنى من التكلف. دار الحديث] وقال الذهبي: ليس ذا من الصفات في شيء وهو مثل قولك ذراع الخياط وذراع النجار وقال العارف ابن عربي: هذه إضافة تشريف مقدار، جعله اللّه تعالى إضافة إليه كما تقول هذا الشيء كذا ذراعاً بذراع الملك، تريد الذراع الأكبر الذي جعله الملك، وإن كان ذراع الملك الذي هو الجارحة كأذرعنا والذراع الذي جعله يزيد على ذراع الجارحة، فليس ذراعه حقيقة وإنما هو مقدار نصيبه ثم أضيف فاعله [ولتسهيل فهم ذلك فليتأمل في قوله تعالى عن عيسى عليه السلام "وروح منه"، وقوله تعالى "وادخلي جنتى"، حيث أن إضافة "الروح" و "الجنة" إلى الله عز وجل هي إضافة تشريف لا تبعيض. وذلك بديهي يفهمه العالم والجاهل، وإنما ذكر لسهولته ولتقريب المعنى إلى الأفهام بخصوص ما هو أدق منه في المعنى، مثل "ذراع الجبار" المذكور في هذا الحديث. دار الحديث] والجبار في اللسان الملك العظيم وكذا القدم يضع الجبار فيها قدمه أصل القدم الجارحة ويقال لفلان في هذا قدم أي ثبوت وقد يكون الجبار ملكاً وهذه القدم لذلك الملك، ومثل هذه الأخبار كثيرة منها صحيح وسقيم وما منها خبر إلا وله وجه من وجوه التنزيه وإن أردت أن يقرب عليك ذلك فاعمد إلى اللفظة الموهمة للتشبيه وخذ فائدتها أو روحها أو ما تكون عنها فاجعله في حق الحق تفز بدرجة التنزيه كما حاز غيرك درك التشبيه هكذا فافعل وطهر ثوبك وقلبك فيكفي هذا القدر والسلام. [ وانظر كلام الشيخ محمود الرنكوسي في الكناية، في التعليق على شرح الحديث 5207. دار الحديث] - (البزار) في مسنده (عن ثوبان) قال الهيثمي: فيه عباد بن منصور وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات. 5216 - (ضع القلم على أذنك فإنه أذكر للمُمْلِي) أي أسرع تذكراً فيما يريد إنشاءه من العبارات والمقاصد، وذلك لأن القلم أحد اللسانين المعبرين عما في القلب وكل منهما يسمع ما يريد القلب ومحل الاستماع الآذان، فاللسان موضوع على محل الاستماع والقلم منفصل عنه فيحتاج لتقريبه من محل الاستماع. قال عياض: وفي هذا الخبر وشبهه دلالة على معرفة حروف الخط وحسن تصويرها وأخذ الباجي من قضية الحديث أنه كتب بعد أن لم يكن يحسن الكتابة، ورُمِيَ بالزندقة لذلك أي لمخالفته للقرآن وانتصر له بأنه لا ينافيه بل يقتضيه لتقييده النفي بما قبل ورود القرآن، وبعد ما تحققت أمنيته وتقررت معجزته لا مانع من كتابة بلا تعليم، وتكون معجزة أخرى، وبأن ابن أبي شيبة روى عن عون: ما مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى كتب وقرأ. - (ت) في الاستئذان عن قتيبة عن عبد اللّه بن الحرث عن عنبسة عن محمد بن زاذان عن أم سعد (عن زيد بن ثابت) قال: دخلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبين يديه كاتب فسمعته يقول ضع إلخ ثم قال: إسناده ضعيف وعنبسة ومحمد ضعيفان اهـ. وزعم ابن الجوزي وضعه وردّه ابن حجر بأنه ورد من طريق أخرى لابن عساكر ووروده بسندين مختلفين يخرجه عن الوضع. [("للمُمْلي": أي للذي يملي الكلام على من يكتبه. ولفهم هذا الحديث يلزم استحضار طريقة الإملاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأدواتها، حيث كانت الكتابة أبطأ من الإملاء بمقدار أكثر مما يتبادر إلى ذهننا، وذلك لاستعمالهم الجلد والعظم والحجر وأمثالها، ولعدم توفر الأقلام السهلة الاستعمال كتلك المعروفة في عصرنا. وكذلك يلزم استحضار قوة ذاكرة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وخصوصا الكتّاب منهم، وطول الأحاديث التي كانوا يستطيعون حفظها ولو من دور واحد، والتي بلغنا منها الكثير. من ذلك كله ومن هذا الحديث، يتضح أن الإملاء المذكور هنا ليس كالإملاء المعهود لنا، بأن يحاول الكاتب أن يكتب في نفس الوقت الذي يجري فيه الإملاء، بل يستمع مدة غير قصيرة كما تبين أعلاه، ثم يتوقف المملي ويكتب الكاتب. فطلب النبي صلى الله عليه وسلم من الكاتب وضع القلم على أذنه لأنه أذكر للمملي حيث يستطيع جمع أفكاره حول ما هو بصدد صياغته من الكلام، دون أن يتوهم أن الكاتب قد يبدأ بالكتابة وأن عليه هو التوقف عن الإملاء، مما "يقطع سلسلة أفكاره" بتعبيرنا. ومع أن هذا الحديث قد لا يوجد فيه من الأحكام المهمة ما يوجد في غيره، غير أنه شرح باستيفاء تشجيعا للقارئ على مداومة استحضار ظروف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم، أثناء محاولته فهم الحديث: فنحن إذ لم يكتب لنا رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الدار، صار حكمنا كفاقد الماء الذي شأنه التيمم. وأقرب شيء إلى رؤيته في هذه الدار، وإن كان لا يقوم مقامها، هو استحضار وتصور أخلاقه وصفاته وعامة ظروفه ما استطعنا، صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وخلو الحديث من الأحكام لا ينقص من معنى الاستحضار هذا، بل قد يزيد فيه إذ يريح الفكر برهة قصيرة عن قيود انشغاله بالمسائل، فيصير وكأنه ينظر بسكينة عبر الزمان، إلى لمحات عادية من حياة هذا النبي الكريم. وفي شرح الحديث 3256 قريب من ذلك: تحفة الصائم الزائر أن تغلف لحيته، وتجمر ثيابه، ويذرر، وتحفة المرأة الصائمة الزائرة أن تمشط رأسها، وتجمر ثيابها وتذرر. دار الحديث] 5217 - (ضع أنفك ليسجد معك) وجوباً عند الحبر ابن عباس وجمع، وندباً عند ابن عمر وآخرين لأن المأمور بالسجود [ص 256] وجوباً عليه تلك الأعظم السبعة فلو وجب السجود عليه لكانت ثمانية قال ابن حزم: والخلاف في الأنف إنما هو في الجواز لا الصحة فلو ترك السجود على أنفه قادراً فلا خلاف بين سلف الأئمة وخلفهم أنه لا إعادة عليه وإن أساء وأخطأ بتركه. - (هق عن ابن عباس) قال: مرّ النبي صلى اللّه عليه وسلم على رجل يسجد على جبهته فذكره رمز المصنف لحسنه قال في العلل: وأصح منه خبر عكرمة عن النبي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم لا تجزى صلاة لا يمس الأنف من الأرض ما يمس الجبين. 5218 - (ضع أصبعك السبابة على ضرسك) الذي يؤلمك (ثم اقرأ آخر يس) - (فر عن ابن عباس). 5219 - (ضع بصرك موضع سجودك) أي انظر إلى محل سجودك ما دمت في الصلاة، وفيه أنه يندب إدامة النظر في جميع صلاته لأن ذلك أقرب إلى الخشوع وموضع سجوده أقرب وأسهل، تمامه كما في الفردوس قال أنس: قلت يا رسول اللّه هذا شديد لا أطيقه قال: ففي المكتوبة إذن يا أنس. - (فر عن أنس) وفيه الربيع بن بدر ضعفوه، وعنطوانة قال الذهبي في الضعفاء: لا يعرف وحديثه منكر ورواه عنه أبو نعيم أيضاً، ومن طريقه تلقاه الديلمي مصرحاً فلو عزاه المصنف له لكان أولى. 5220 - (ضع يدك) يا عثمان بن أبي العاص الثقفي الذي شكا إلينا وجعاً في جسده وهذا الأمر على جهة التعليم والإرشاد إلى ما ينفع من وضع يد الراقي على المريض ومسحه بها ولا ينبغي للراقي العدول عنه للمسح بحديد وملح ولا بغيره فإنه لم يفعله النبي صلى اللّه عليه وسلم ولا أصحابه ففعله تمويه لا أصل له (على الذي تألم من جسدك) أي بدنك قال ابن الكمال: والألم إدراك المنافي من حيث إنه منافي ومقابل الشيء هو مقابل ما يلائمه وفائدة قيد الحيثية الاحتراز عن إدراك المنافي لا من حيث منافاته فإنه ليس بألم (وقل بسم اللّه) والأكمل إكمال البسملة (ثلاثاً) من المرات (وقل سبع مرات أعوذ باللّه وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) هذا العلاج من الطب الإلهي لما فيه من ذكر اللّه والتفويض إليه والاستعاذة بعزته وتكراره يكون أنجع وأبلغ كتكرار الدواء الطبيعي لاستقصاء إخراج المادة وفي السبع خاصية لا توجد لغيرها. - (حم م ه عن عثمان بن أبي العاص الثقفي) قال: شكوت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وجعاً في جسدي منذ أسلمت فذكره وظاهر صنيع المصنف أن ذينك تفردا بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه بل رووه إلا البخاري كلهم في الطب إلا النسائي في اليوم والليلة. 5221 - (ضع يمينك على المكان الذي تشتكي فامسح بها سبع مرات وقل أعوذ باللّه وقدرته من شر ما أجد) من الوجع تقول ذلك (في كل مسحة) من المسحات السبع وفيه كالذي قبله ندب وضع اليد على محل الألم والذكر المذكور. - (طب ك) في الجنائز (عنه) قال الحاكم: رواه مسلم بنحو منه من حديث يزيد بن الشخير عن عثمان. 5222 - (ضع السوط حيث يراه الخادم) من البيت فإنه أبعث على الأدب والقصد به أن الإنسان لا يترك خدمه هملاً بل [ص 257] يؤدبهم. - (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) رمز لحسنه.
----------------- (1) [ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب أحدا بيده الشريفة. وقال في الحديث 1194: اعلم يا أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام. وفي زيادة الجامع الصغير: لقد طاف الليلة بآل محمد نساء كثير، كلهن تشكو زوجها من الضرب. وأيم الله لا تجدون أولئكم خياركم. رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم في المستدرك عن إياس الدوسي. وفي الحديث 1093: اضربوهن، ولا يضرب إلا شراركم. فينبه أن الضرب لا يلجأ إليه في كل حال، وأنه يكون على مقدار الذنب لا على مقدار الغضب. وقيل فيه: تكفي اللبيب إشارة مرموزة * والبعض يفهم بالنداء العالي والبعض بالزجر دون العصا * والعصا رابع الأحوال. دار الحديث] ---------- 5223 - (ضعي) يا أم بجيد (في يد المسكين) المراد به ما يشمل الفقير (ولو ظلفاً محرقاً) قال القاضي: هذا وما أشبهه إنما يفصد به المبالغة في رد السائل بأدنى ما تيسر ولم يقصد به صدور هذا الفعل من المسؤول فإن الظلف المحرق غير منتفع به. - (حم طب عن أم بجيد) بضم الباء قالت: يا رسول اللّه يأتيني السائل فأتزاهد له بعض ما عندي فقال ذلك. 5224 - (ضعي يدك) يا أسماء بنت أبي بكر الذي خرج في عنقها خراج (عليه ثم قولي ثلاث مرات بسم اللّه اللهم أذهب عني شر ما أجد بدعوات نبيك الطيب المبارك المسكين عندك بسم اللّه).
|